Quantcast
Channel: روسيا –مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط
Viewing all articles
Browse latest Browse all 11

معركة عفرين أبرز تحديات تركيا في سوريا

$
0
0

 اشترك في نشرتنا 

تقف تركيا الآن أمام تحدٍ جديد، بعد التصريحات التركية التي تتحدث عن نية الجيش التركي وفصائل من المعارضة الدخول إلى عفرين ومنبج الواقعتين تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد). في الوقت الذي تقاسم كل من الولايات المتحدة وروسيا وإيران والنظام السوري السيطرة على مناطق استراتيجية مفيدة خاصة البادية السورية التي تربط جميع محافظات سوريا وتحتوي على الثروة الطبيعية لسوريا، والأهم أنهم تقاسموا أيضاً الانتصار على تنظيم داعش.

في خضم البحث عن حل للأزمة السورية القائمة، شكل الصراع السوري عامل تأثير مهم في رسم العلاقات المتغيرة بين اللاعبين الدوليين والإقليميين. كان أبرز هذه التحولات هو التقارب التركي-الروسي الذي جاء نتيجة للعلاقات التركية-الأمريكية الآخذة بالتوتر بشكل متصاعد منذ اتخاذ الولايات المتحدة من قوات قسد حليفاً لها في سوريا لقتال داعش، وحتى حدوث الانقلاب الفاشل في تركيا، والذي اتهمت أنقرة الولايات المتحدة بأنها المدبرة له. إضافة للعزلة التي وجدت تركيا نفسها فيها ضمن حلف الناتو الذي تركها وحيدة في مواجهة روسيا بعد حادثة اسقاط الطائرة الروسية، وما سبق ذلك ضمن نفس السياق من عزلة أمريكية يتبعها أوتوماتيكياً عزلة أوروبية نتيجة دخول روسيا بشكل مباشر وميداني إلى سوريا، الأمر الذي أرهق المعارضة المتروكة في مواجهة جيش النظام والميليشيات الإيرانية والآن روسيا وترسانتها العسكرية المتطورة والهائلة.

برز هذا التقارب بشكل ملحوظ في مسار أستانة التفاوضي الذي وضع تركيا أمام تحدي كبير يقتضي بأن تكون الدولة الراعية لفصائل المعارضة لتطبيق اتفاقية خفض التصعيد، ضغطت تركيا على فصائل المعارضة للدخول في مسار أستانة، فصائل المعارضة التي لا تستطيع رفض توجهات تركيا رغم أن تركيا وافقت على أن تكون إيران دولة ضامنة في مسار أستانة إلى جانب روسيا. غالباً ما كانت الفصائل تقع في حيرة لاتخاذ أي قرار خاصة فيما يتعلق برفض التوجهات الدولية أو توجيهات الداعمين للثورة السورية، فتركيا هي الحليف الأقرب للثورة السورية والممر الوحيد لدخول السلاح والذخيرة والمساعدات الإنسانية للمناطق المحررة، وأي توتر قد يحدث بين الفصائل وتركيا سينعكس سلباً بشكل كبير على الثورة السورية عسكرياً وإنسانياً.

لعب الروس بشكل ذكي على وتر العلاقة السيئة بين تركيا والولايات المتحدة، فروسيا التي لم يبق لها موضع قدم في المنطقة والبحر المتوسط سوى سوريا، لا تريد روسيا سقوط النظام السوري وبالتالي انتهاء وجودها في المنطقة ككل، ما دفعها للتقرب من تركيا كي تتخذها شريكة ضامنة للمعارضة لايجاد حل للأزمة السورية التي أصبحت أكثر تعقيداً مع مرور الزم.، تركيا التي لا تملك أي علاقات جيدة مع الفاعلين في الملف السوري مثل الولايات المتحدة والأوروبيين والسعودية، خاصة بعد الازمة الخليجية وانحياز تركيا نحو قطر. استغل الروس رغبة تركيا في ابعاد الولايات المتحدة وبقية اللاعبين الدوليين والإقليميين عن الملف السوري قدر المستطاع. كل ذلك يجعل تركيا ضعيفة جداً في مواجهة الروس والإيرانيين سواء كانت هذه المواجهة سياسية أو عسكرية بالوكالة، وبالتالي يؤدي إلى ضعف المعارضة ككل.

أيضاً تمكن الروس من إغراق تركيا في عدد من القضايا التي وضعت تركيا في موقف محرج أمام المعارضة والشعب السوري، كان أولها عدم رغبة تركيا في محاربة قوات النظام السوري التي قطعت الطريق على قوات الجيش الحر في معركة درع الفرات، ووقفت قوات النظام حاجزاً أمام قوات الجيش الحر الذي بذلك لم يعد قادراً على المضي في محاربة داعش في ريف حلب الشرقي وريف الرقة الغربي وتوقفت معركة درع الفرات عند مدينة الباب. أيضاً عدم قيام تركيا بأي تصرف رغم الانتهاكات الكبيرة والمجازر التي قام بها النظام وحلفاؤه الروس والإيرانيون بعد توقيع اتفاقية خفض التصعيد، والتي كان أكبرها وآخرها تقدم قوات النظام في جنوب شرق إدلب والسيطرة على مساحة كبيرة جداً وتهجير قرابة نصف مليون شخص من هذه المنطقة للوصول إلى مطار أبو ظهور العسكري وتأمين طريق حماة-خناصر-حلب. كما أن روسيا ضغطت على تركيا بشدة لمحاربة جبهة النصرة في إدلب باعتبارها تنظيم إرهابي وهذا ما لم يحدث. في حين اقتصر التصرف التركي على انشاء نقط مراقبة في شمال غرب حلب على خط النار مع قوات قسد المتواجدة في عفرين.

ظهور تركيا بموقف الضعيف أمام روسيا وإيران جعل العديد من فصائل المعارضة والشخصيات الثورية السياسية وطيف كبير من المجتمع السوري في المناطق المحررة يفقد ثقته في تركيا للحصول على مكاسب في هذه الحرب أو على أقل إيقاف الخسائر التي منيت بها الثورة السورية خلال العامين المنصرمين.

في حين يتبنى العديد من المحللين وأصحاب القرار السوريين وجهة النظر الرامية إلى أن تركيا مستعدة بأن تغامر بثقة العديد من الأطراف بها على رأسها المعارضة السورية، مقابل الحصول على مكاسب تتعلق بتركيا وأمنها القومي الذي يتمحور حول محاربة حزب العمال الكردستاني، خاصة بعد أن أيقنت تركيا أنها لم تعد قادرة على المواجهة وحيدة في الملف السوري ضد روسيا وإيران. وجهة النظر هذه تركز على أن ما يحدث الآن من تقدم لقوات النظام في جنوب شرق ادلب (منطقة شرق سكة القطار) ما هي إلا نتيجة لاتفاقات سرية ضمن اتفاق خفض التصعيد، مقابل حصول تركيا على مكاسب أخرى تتمثل بسماح روسيا لتركيا بدخول عفرين. ويعزز هذا الطرح صمت النظام السوري عن هذه المعركة، حيث أنه في حال سيطرت تركيا والجيش الحر على عفرين فيكونوا على تماس مباشر مع قوات النظام في قريتي نبل والزهراء.

حتى الآن ملامح معركة عفرين غير واضحة، والحشود والتجهيزات العسكرية غير متناسبة مع التصريحات الرسمية التركية. الاحتمالات العسكرية في معركة عفرين مفتوحة بين اجتياح كامل لمنطقة عفرين أو دخول محدود ضمن الشريط الحدودي لتركيا. علماً ان الاجتياح الكامل سيترتب عليه أضرار كبيرة جداً على مستوى البنية التحتية غير المتضررة في عفرين، وأيضاً وقوع العديد من الضحايا من أبناء القرى الكردية وبالتالي ازدياد الشرخ الموجود بين العرب والكرد ضمن النسيج السوري الذي يعاني من التفتت يوماً بعد يوم، وخاصة بعد أن قامت قوات قسد بمساعدة قوات النظام لحصار مدينة حلب ومن ثم سقوطها بيد النظام، إضافة إلى استهداف قوات قسد للقرى العربية في منطقة درع الفرات عدة مرات ما أدى لمقتل العديد من الأشخاص والأطفال. وأيضا ما سيترتب على ذلك في حال نجاح المعركة من تحديات صعبة جداً في إدارة هذه المناطق ومن هي الجهة المدنية التي ستستلم هذه الإدارة.

 أو قد تقتصر المعركة على السيطرة على مدينة تل رفعت وعشرة قرى محيطة بها، كانت قد استولت عليها قوات قسد في بداية عام 2016، وهي قرى عربية يعاني أهلها صعوبة العيش في المخيمات بعد تهجيرهم من قراهم على يد قوات قسد، ومن ثم التقدم باتجاه جبل الشيخ عقيل في ريف حلب الغربي حيث وضع الجيش التركي على هذا الجبل نقطة مراقبة في نوفمبر/تشرين الثاني 2017. وبالتالي وصل ريفي حلب الشمالي والغربي بطريق بري ضيق يقع بين قوات النظام شرقاً وقوات قسد غرباً. هذا الاحتمال الأخير هو الأفضل للثورة السورية وفصائل الجيش الحر التي تمتلك الشرعية لاسترجاع القرى التي احتلتها قوات قسد وفتح طريق بري لريف حلب الغربي وادلب.

في حين أن أولوية المعارك الآن التي تصب في صالح الثورة السورية هي التي تكون ضد قوات النظام للضغط عليه في محاولة للتخفيف عن الغوطة الشرقية التي تعاني من أزمة إنسانية هي الأسوء في تاريخ الثورة السورية. مع التأكيد على ضرورة أن يواجه الثوار أي مشروع انفصالي أو تقسيم لسوريا، لكن تحديد الأولويات في ظل التعقيد الكبير في الملف السوري والتجاذب الدولي الذي يفرض نفسه دائماً هو أمر صعب جداً.

كما يجب التنويه على أنه من المحتمل أن تضغط روسيا -التي تمتلك قاعدة عسكرية في منطقة عفرين- على قوات قسد بأن تنسحب من عفرين إلى مناطق قسد في شمال سوريا، ما يجنب المنطقة حرباً لن تكون بالسهلة، حيث أن قسد أقامت خط دفاع متين جداً حول منطقة عفرين يتمثل بالخنادق والأنفاق. هذا التدخل الروسي سيكون مقابله موافقة تركيا الكاملة على شروط روسيا بما يتعلق بمؤتمر سوتشي الذي تعول عليه روسيا كثيراً. وربما لن يحدث ذلك، ما يعكس رغبة روسيا بأن تغرق تركيا في مستنقع جديد يكلفها كثيراً، وربما قيام روسيا بمد قوات قسد سراً بعدد من الأسلحة والذخائر لمواجهة الجيش التركي في هذه المعركة.

شكل التدخل التركي وطبيعة المعركة القادمة سيوضّح أكثر طبيعة العلاقة بين تركيا وروسيا والولايات المتحدة، فقد ألقى التوتر التركي-الأمريكي بظلاله السوداء على الملف السوري الشائك والمعقد، ومع كل تصعيد بين الطرفين كانت المعارضة السورية ومن خلفها الشعب السوري يدفع ضريبة هذه السجالات بين اللاعبين الدوليين والإقليميين.

 اشترك في نشرتنا English

The post معركة عفرين أبرز تحديات تركيا في سوريا appeared first on مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط.


Viewing all articles
Browse latest Browse all 11

Latest Images

Trending Articles





Latest Images